بالفكر والذكر تصل إلى حقيقة هذا العالم
بسم الله الرحمن الرحيم
{ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار } من سورة آل عمران
ما هذا الكون البديع الصنع وما هذا العالم المحكم الترتيب .
وما هذه السماء وأعاجيبها . وما بال نجومها وأفلاكها .
وما هذه الشمس وضحاها , والقمر إذا تلاها , والنهار إذا جلاها , والليل إذا يغشاها , والسماء وما بناها ؟
وما هذه الأرض وما طحاها .
أخرج منها ماءها ومرعاها .
وأنبت فيها كل نبت وأرساها .
وشق فيها أنهارها وحلاها .
وما هذا الليل والنهار .
وهذا الفلك الدوار .
ليل يزحف بجحافله . ونهار يختفى بمعالمه .
ثم لا يلبث أن تعاد الكرة بنظام .
أليس يدل هذا على الخبير البصير ؟ المحكم التدبير , الواحد الخالق القدير ؟
إن فى ذلك لآيات لأولى الألباب
أولو العقول والأرواح الطيبة
هم الذين ينظرون إلى السماء والأرض وما فيهما فيذكرون الله ويذكرون نعمه وفضله على العالم فى كل حال من قيام وقعود واجتماع ذكرا بالقلب حتى يطمئن { ألا بذكر الله تطمئن القلوب }
ثم يتبعون ذكر الله بالتفكير فى بديع صنعه وأسرار خلقه . وما فى هذه العوالم من منافع وحكم وأسرار تدل على كمال العلم وتمام القدرة والوحدانية التامة فى الذات والصفات والأفعال .
والمراد بالتفكر
هو التفكر فى خلق الله لا فى ذات الله فهو ليس كمثله شىء .
وما حال هؤلاء الذين يجمعون بين التذكر والتفكير ؟
يقولون باللسان وقلبهم بين الخوف والرجاء : ربنا ما خلقت هذا الكون باطلا وما خلقت هذا الخلق عبثا أو كما مهملا ! بل لابد من هذا الخلق من نهاية يأخذ المطيع والعاصى جزاءه إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر . وإن كان كذلك فقنا يا ربنا واصرف عنا عذاب النار بعنايتك وتوفيقك لنا واجعلنا مع الأبرار بهدايتك ورحمتك يا أرحم الراحمين .
يا من سخرت هذا العالم وأخضعته لكمال قدرتك وعظيم إرادتك .
**********
هؤلاء هم المؤمنين والمؤمنات الذين جمعوا بين الذكر والفكر بين الخوف والرجاء هؤلاء يستجيب لهم ربهم
( وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار )
والله عنده حسن الثواب .
هؤلاء أولوا الألباب الذين وصلوا بالفكر والذكر إلى حقيقة هذا العالم